21‏/03‏/2012

ماذا سأهديك يا أمي



ماذا سأهديك يا أمي




 
 في عينيها جنة عدن ... وعلى شفتيها ينبع نهر مِزاجُه من الكافور والتسنيم ... وفي جدائلها الذهبية التي بدأ الشيب يغزوها يفوح عطر الفردوس ... وعلى خديها ينبت الشقيق ... وفي قلبها ابواب الرحمه .
 أمي .. أمي .. أمي ...
 كم اثقلنا عليك بهمومنا التي لا تنتهي .. ودموعنا التي لا تنضب .. وآهاتنا التي لا يسمعها سواك..
 فنحن منذ ان كنا صغارا كل يوم لنا حكاية ..
 في الطفولة كانت حكايانا مع اطفال الجيران ، ولعبِ الشوارع ، فنتسابق الى حضنك الدافئ نبكي ركبتاً مضمختاً بالدماء ، سحلناها على الرصيف ونحن نتصدى للكره ... او ونحن نركض خلف بعضنا .. او في احدى تشبيحات الشوارع
 وفي المدرسه كنا مع حكايا المدرسين والمدراء والزملاء ، والمشاغبات التي ليس لها عد ولا حصر ، لكننا هنا كنا نحاول ان نُظهر لك أننا كبرنا ونريد ان نزيح عن كاهلك تعبنا ورعونتنا .. فنكون امامك كالملائكه المجتهدين ... وبكل بساطة الطفولة نقول لك ( أنا حُر)
 لكنك حين الذهاب للسؤال عنا تتفاجئين ... ربما في اقصى الحالات هروب من المدرسه .. او مشاجرات في الفصل .. او اهمال في الواجبات الملقات على كاهلنا .. فتدمع عيناك ويُعتصرُ قلبك ... ويزيد الحمل عليك اكثر اكثر ... ولكنك لا تشتكين .. وعندما نحاسب !! .. بكل وقاحة نعلل تقصيرنا بكره الأستاذ لنا ..
 وبكل طاقات الحنان يبدأ العقاب ... لكنك كثيرا يا امي ما تشفقين .. وفي الخفاء تبتسمين .
 ونكبرُ ليكبر معنا جحودُنا لك .. فنصيرَ شباباً في معتركات الحياة نقاتل .. ونَحسبُ أننا ننضال كي نكوِّن لأنفُسنا زاوية في هذه الحياة نأوي إليها .. ونسيناكي يا أمي .. ونسينا أنك من أسس لنا قصرا في تلك الزاويه ، وعلمتنا كيف نصب الإسمنت عليها لتصير بناءاً شامخا ،
 ولا زلنا جاحدين لك .. متسمرين خلف اجهزة التلفاز او الحاسوب .. نعايدك بحروف .. او رسائل قصيرة في اذيال المحطات .. وانت بجوارنا تجلسين ... لكننا لا نتفوه بها لك .. وان تفوهنا .. او صارت المعجزة فأحضرنا لك الهدية !! ... نبقى أعواماً نسائِلُك عنها ( أين هديتي التي اهديتك إياها في تلك السنة في عيدك؟ ) .. وان اصاب الهدية شيء .. يا ويلتاه ماذا ستسمعين ..
 نسينا انك اهديتنا الحياة حين سمحت لنا ان نكون بذرة في احشائك .. ثم جنينا ...
 وها نحن في هذا الربيع العربي نهديك ورودا مخضبة بالأحمر الذي ينتشر في الأزقة والطرقات .. فسامحينا يا أمي.. لم نجد وردة بيضاء ..
 حتى الياسمين يا امي صارت له معجزه واكتساه اللون الأحمر .. و طقم الصلاة لم يعد ابيضاُ .. و علبة الموسيقى لم تعد تغني لحنك الذي تحبين ...
 احترت ماذا سأهديكي يا أمي في هذا اليوم ... فكل ايامك اعياد .. هكذا يجب ان نقول .. ورفعت رأسي الى السماء .. فلمعت في ذهني ومضة فكره .. وبسرعة خطفتها كي لا يسبقني اليها غيري فيهديها لك قبلي ...
 سأهديك غيمة يا حبيبتي .. فالغيم لم يستطع الربيع ان يلامسه .. سأصعد سلم السماء .. وأربطُ الغيمة بحبل كي لاتنفلت .. وسأوعز لكل رفقتي ان يفعلو مثلي ...
 أحبك يا أمي ...

الصورة لــ
Pino Daeni

باسم
 Angel From Above


 

ليست هناك تعليقات: